حسين عبروس Admin
عدد المساهمات : 64 تاريخ التسجيل : 28/05/2011
| موضوع: قراءات من ديوان أثر الفراشة الأحد يونيو 16, 2013 8:08 pm | |
|
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
قصائد مختارة من ديوان "أثر الفراشة"
أَثر الفراشة أَثر الفراشة لا يُرَى أَثر الفراشة لا يزولُ هو جاذبيّةُ غامضٍ يستدرج المعنى، ويرحلُ حين يتَّضحُ السبيلُ هو خفَّةُ الأبديِّ في اليوميّ أشواقٌ إلى أَعلى وإشراقٌ جميلُ هو شامَةٌ في الضوء تومئ حين يرشدنا الى الكلماتِ باطننا الدليلُ هو مثل أُغنية تحاولُ أن تقول، وتكتفي بالاقتباس من الظلالِ ولا تقولُ... أَثرُ الفراشة لا يُرَى أُثرُ الفراشة لا يزولُ! أَنت، منذ الآن، أَنت الكرملُ في مكانه السيِّد... ينظر من علٍ إلى البحر. والبحر يتنهَّد، موجةً موجةً، كامرأةٍ عاشقةٍ تغسل قَدَميْ حبيبها المتكبِّر! * كأني لم أذهب بعيداً. كأني عُدتُ من زيارة قصيرة لوداع صديقٍ مسافر، لأجد نفسي جالسة في انتظاري على مقعد حجري تحت شجرة تُفَّاح. * كل ما كان منفى يعتذر، نيابةً عني، لكُلّ ما لم يكن منفى! * ألآن، الآن... وراء كواليس المسرح، يأتي المخاض الى عذراء في الثلاثين، وتلدني على مرأى من مهندسي الديكور، والمصوِّرين! * جرت مياه كثيرة في الوديان والأنهار. ونبتت أعشاب كثيرة على الجدران. أَمَّا النسيان فقد هاجر مع الطيور المهاجرة... شمالاً شمالاً. * ألزمن والتاريخ يتحالفان حيناً، ويتخاصمان حيناً على الحدود بينهما. الصفصافةُ العاليةُ لا تأبه ولا تكترث. فهي واقفة على قارعة الطريق. * أَمشي خفيفاً لئلاَّ أكسر هشاشتي. وأَمشي ثقيلاً لئلاَّ أَطير. وفي الحالين تحميني الأرض من التلاشي في ما ليس من صفاتها! * في أَعماقي موسيقى خفيَّة، أَخشى عليها من العزف المنفرد. * ارتكبتُ من الأخطاء ما يدفعني، لإصلاحها، إلى العمل الإضافيّ في مُسَوَّدة الإيمان بالمستقبل. من لم يخطئ في الماضي لا يحتاج الى هذا الإيمان. * جبل وبحر وفضاء. أطير وأسبح، كأني طائرٌ جوّ – مائي. كأني شاعر! * كُلُّ نثر هنا شعر أوليّ محروم من صَنعَة الماهر. وكُلُّ شعر، هنا، نثر في متناول المارة. بكُلِّ ما أُوتيتُ من فرح، أُخفي دمعتي عن أوتار العود المتربِّص بحشرجتي، والمُتَلصِّص على شهوات الفتيات. * ألخاص عام. والعام خاص... حتى إشعار آخر، بعيد عن الحاضر وعن قصد القصيدة! * حيفا! يحقّ للغرباء أن يحبُّوكِ، وأن ينافسوني على ما فيك، وأن ينسوا بلادهم في نواحيك، من فرط ما أنت حمامة تبني عُشَّها على أنف غزال! * أنا هنا. وما عدا ذلك شائعة ونميمة! * يا للزمن! طبيب العاطفيين... كيف يُحوِّل الجرح ندبة، ويحوِّل الندبة حبَّة سمسم. أنظر الى الوراء، فأراني أركض تحت المطر. هنا، وهنا، وهنا. هل كنتُ سعيداً دون أن أدري؟ * هي المسافة: تمرين البصر على أعمال البصيرة، وصقلُ الحديد بنايٍ بعيد. * جمال الطبيعة يهذِّب الطبائع، ما عدا طبائع مَنْ لم يكن جزءاً منها. الكرمل سلام. والبندقية نشاز. * على غير هُدىً أمشي. لا أبحث عن شيء. لا أبحث حتى عن نفسي في كل هذا الضوء. * حيفا في الليل... انصراف الحواس الى أشغالها السرية، بمنأى عن أصحابها الساهرين على الشرفات. * يا للبداهة! قاهرة المعدن والبرهان! * أُداري نُقَّادي، وأُداوي جراح حُسَّادي على حبِّ بلادي... بزِحافٍ خفيف، وباستعارة حمَّالةِ أِوجُه! * لم أَرَ جنرالاً لأسأله: في أيّ عامٍ قَتَلتَنِي؟ لكني رأيتُ جنوداً يكرعون البيرة على الأرصفة. وينتظرون انتهاء الحرب القادمة، ليذهبوا الى الجامعة لدراسة الشعر العربي الذي كتبه موتى لم يموتوا. وأَنا واحد منهم! * خُيِّل لي أن خُطَايَ السابقة على الكرمل هي التي تقودني الى «حديقة الأم»، وأَن التكرار رجع الصدى في أُغنية عاطفية لم تكتمل، من فرط ما هي عطشى الى نقصان متجدِّد! * لا ضباب. صنوبرة على الكرمل تناجي أَرزة على جبل لبنان: مساء الخير يا أُختي! * أعبُرُ من شارع واسع إلى جدار سجني القديم، وأقول: سلاماً يا مُعلِّمي الأول في فقه الحرية. كُنتَ على حق: فلم يكن الشعر بريئاً! اغتيال
يغتالني النُقَّاد أَحياناً: يريدون القصيدةَ ذاتَها والاستعارة ذاتها... فإذا مَشَيتُ على طريقٍ جانبيّ شارداً قالوا: لقد خان الطريقَ وإن عثرتُ على بلاغة عُشبَةٍ قالوا: تخلَّى عن عناد السنديان وإن رأيتُ الورد أصفرَ في الربيع تساءلوا: أَين الدمُ الوطنيُّ في أوراقهِ؟ وإذا كتبتُ: هي الفراشةُ أُختيَ الصغرى على باب الحديقةِ حرَّكوا المعنى بملعقة الحساء وإن هَمَستُ: الأمُّ أمٌّ، حين تثكل طفلها تذوي وتيبس كالعصا قالوا: تزغرد في جنازته وترقُصُ فالجنازة عُرْسُهُ... وإذا نظرتُ الى السماء لكي أَرى ما لا يُرَى قالوا: تَعَالى الشعرُ عن أَغراضه... يغتالني النُقّادُ أَحياناً وأَنجو من قراءتهم، وأشكرهم على سوء التفاهم ثم أَبحثُ عن قصيدتيَ الجديدةْ!
على قلبي مشيت على قلبي مشيتُ، كأنَّ قلبي طريقٌ، أو رصيفٌ، أو هواءُ فقال القلبُ: أتعبَنِي التماهي مع الأشياء، وانكسر الفضاءُ وأَتعبني سؤالُكَ: أين نمضي ولا أرضٌ هنا... ولا سماءُ وأنتَ تطيعني... مُرني بشيء وصوِّبني لأفعل ما تشاءُ فقلتُ له: نسيتُكَ مذ مشينا وأَنت تَعِلَّتي، وأنا النداءُ تمرَّدْ ما استطعت عليَّ، واركُضْ فليس وراءنا إلاَّ الوراءُ!
لم أحلم متنبّهاً الى ما يتساقط من أَحلامي، أَمنع عطشي من الإسراف في طلب الماء من السراب. أَعترفُ بأني تعبت من طول الحلم الذي يعيدني إلى أوَّله وإلى آخري، دون أن نلتقي في أيِّ صباح. «سأصنع أحلامي من كفاف يومي لأتجنَّب الخيبة». فليس الحلم أن ترى ما لا يُرى، على وتيرة المُشتَهى، بل هو أن لا تعلم أنك تحلم. لكن، عليك أن تعرف كيف تصحو. فاليقظة هي نهوض الواقعي من الخياليّ مُنَقَّحاً، وعودةُ الشِعر سالماً من سماءِ لُغةٍ متعالية
الى أرض لا تشبه صورتها. هل في وسعي أن أختار أحلامي، لئلا أحلم بما لا يتحقّق، كأن أكون شخصاً آخر... يحلم بأنه يرى الفرق بين حيّ يرى نفسه ميتاً، وبين ميت يرى نفسه حيّاً؟ ها أَنذا حيّ، وحين لا أحلم أَقول: «لم أحلم، فلم أَخسر شيئاً؟!
ما أنا إلاّ هو بعيداً، وراء خطاه ذئابٌ تعضُّ شعاع القمرْ بعيداً، أمام خطاه نجوم تضيء أَعالي الشجرْ وفي القرب منه دمٌ نازفٌ من عروق الحجرْ لذلك، يمشي ويمشي ويمشي الى أن يذوب تماماً ويشربه الظلّ عند نهاية هذا السفرْ وما أنا إلاّ هُوَ وما هو إلاّ أنا في اختلاف الصّوَرْ!
غريبان يرنو الى أَعلى فيبصر نجمةً ترنو إليهْ! يرنو الى الوادي فيبصر قبرَهُ يرنو إليهْ يرنو الى امرأةٍ، تعذِّبُهُ وتعجبُهُ ولا ترنو اليه يرنو الى مرآتِهِ فيرى غريباً مثله يرنو إليهْ!
ليتني حجر لا أَحنُّ الى أيِّ شيءٍ فلا أَمسِ يمضي، ولا الغَدُ يأتي ولا حاضري يتقدمُ أو يتراجعُ لا شيء يحدث لي! ليتني حجرٌ – قلتُ – يا ليتني حجرٌ ما ليصقُلَني الماءُ أخضرُّ، أصفرُّ... أُوضَعُ في حُجْرةٍ مثل منحوتةٍ، أو تمارينَ في النحت... أو مادةً لانبثاق الضروريِّ من عبث اللاضروريِّ... يا ليتني حجرٌ كي أَحنَّ الى أيِّ شيء!
البنتُ/ الصرخة على شاطئ البحر بنتٌ. وللبنت أَهلٌ وللأهل بيتٌ. وللبيت نافذتان وبابْ... وفي البحر بارجةٌ تتسلَّى بصيدِ المُشاة على شاطئ البحر: أربعةٌ، خمسةٌ، سبعةٌ يسقطون على الرمل، والبنتُ تنجو قليلاً لأن يداً من ضباب يداً ما إلهيةً أسعفتها، فنادت: أَبي يا أَبي! قُم لنرجع، فالبحر ليس لأمثالنا! لم يُجِبْها أبوها المُسجَّى على ظلهِ في مهب الغياب | |
|