[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] النخـلــة أنـــت و الطـَّـلـع أنـا
شعر /حسين عبروس
=========================================================
حقــوق الطبــع محفوظــة
=========================================================
ا
ا
الإهــداء
إلى روح الرجل الذي علّمني معنى الحياة في لحظات الزمن
الصـعب إلى والدي رحمه الله
وإلى الصديق الكاتب الأديب رابح خدوسي. حســين
=========================================================
تجربة شـــاعر
ليس أمامي هذه المرّة من خيار غير أن أكتب عن تجربتي المتواضعة، وأن مجموعتي الشعرية الثانية " النخلة أنت والطلع أنا "والتي أضعها بين قراء الشعر في الجزائر والوطن العربي .لا أريد في ذلك أن أحصر فيها مواطن القوّة والضعف حتى لا أتحوّل إلى ناقد ينغص على نفسه لحظة الإبداع الشعري في زمن كاد الشعر أن يكون ديناصورا منقرضا . وكادت الكلمة النابضة بحرارة الوجد السـاكن فـينا أن تتحوّل إلى مجرد هيكل خاوٍ لا روح فيه .
لقد ظهرت مجموعتي الشعرية الأولى " ألف نافذة وجدار " في بداية التسعينـيـات وكانت بداية متواضعة لشاعر عرف النور بين سلسلتين جبليتين ما بين جبال البيبان والونشريس ، شاعر يتوسط البحر والبّر . فاهتزت الأرض تحت قدميه مرتين لست أدري أهو اهتزاز الفرحة أم اهتزاز الغضب ؟ وعلى الأرجح إنه اهتزاز الـغـضـب الثوري وهو يوافي بداية الاستقلال ، وغضب المدينة على وقع زلزالها المـدمّـر هذا الزلزال الذي ظلّ يسكنني أينما حللّت ، ولكنني سعيد بأنني تـنـفسـت هواي من مدارات هذا الوطن ، فأضحى الغرب الجزائري لديّ أفقا ممتدّا ، وتجـمـعـت فيّ الجهات الأربعة للوطن لكي يكبر فيّ الوطن العربي الكبير . ولذا أقول أن مجموعتي الأولى على الرغم ما فيها من محطـات قـصـور فـيها ما يتوقف عنده القارئ الذي تصالح مع النفس ليكشف فيها محطات عبقة بــروح شاعرة . ولم أتوقف عند هذه المحطة مختالا متفاخرا . كما أنّها لم تثنِ عزيمتي تلك اللحظات القلقة التي عشتها في وطن اسمه الجزائر أشدّ الرحال من مكان إلى آخـر
فتقاسمتني كلّ جهات الوطن . أنّني لم أعلّق عن هذه المحطات التي أعادت تشكيلـي من طين وماس ، وأحالتني على ثاني محطة شعرية التي أحاول أن أفـتـحـهـا على مصرعيها. بتجربة أكثر من الأولى . وأطير إلى الكثير من قصائدها فرحا لأنّها كانت نبض قلب يحترق بعيدا عن أعين الآخرين ، لا أريد أن أضع تصـميما لـمن أوحت بهذا التفجير ، ولا أريد أن أتحوّل إلى جرّاح يمسك المشرط أو المـبـضـع ليجري على نفسه عملية جراحية في أدق الخطورة ، ولكن أترك الفرصة متـاحـة أمام الجرّاح الناقد. وأترك اللحظة الشاعرة لندى الشعر كي تزيدني مـن طـاقـة على أن أظلّ أكتب أروع القصائد في همسها الجميل ، قبل أن يشيخ بي الزمن وقبل أن تصير رسما لا أقدر على نحت المراحل التي مرّرت بها تدرّجا من الطفـولة إلى الكهولة كي يولد فيّ وطن رائع من جديد رغم ما يعانيه هذا الوطن من نزيـف مستمر . إن الشيء الوحيد الذي لا يدركه أغلب الشعراء أن الكتابة الشـعـريــة على وجه التحديد هي البركان الكبير الذي يظلّ خامدا فينا . بركان من العـواطـف والمشاعر والأحاسيس والمواقف. فإذا تحرّك في داخلنا غيّر معالم حـيـاتـنـا
من الضعف إلى القوّة ومن السكون إلى الحركة ، ومن الصمت إلى البوح .عـكـس ما يفعله البركان الطبيعي الذي يحيل الحياة إلى ركام و دمار رهيب وإذا أراد الشاعر أن يبدع أروع قصائده عليه أن يتجاوز عمره الحقيقي بأربعـيـن سنة أو أن يكون أكثر الآخرين تجربة في الحب .فالكتابة الشعرية هي بداية الحب الأكبر للحياة والكون و الآخرين، ومن التجارب التي وقفت عندها في حياتي أن ثمة محطة جمود يمرّ بها كلّ شاعر تتركه يشعر باللاجدوى الشعر ، كما تتركه في حالة ثانية يشعر بالجدب والقحط . ثم تأتي غمامات الشعر الماطرة تداعب حقله فتحيـل لجدب والقحط إلى خصب جميل يطبع الحياة بماء و خضرة . فتكون حياته محطـة أنظار كلّ المخلوقات . غير أنّ هذه الغمامات التي تأتي دفعة واحدة قد تجعل الشاعر يَسْبَحُ في فلك القصيدة الكبيرة المجزأة
إلى عدّة مواضيع يـطـرقـهـا الـشـاعر و في الغالب تشترك هذه القصائد في ربى لغة واحدة أو بحر شعري واحد، وهذا ليس عيبا. إن كان في تلك القصائد ما يمتع وما يصنع الدهشة عند القارئ ويحرّك فيـه الساكن الذي لم تحرّكه قصائد أخرى . إنّ هذه التجربة التي أقدمها تعبق بكـثـير من التحوّل في حياتي الشعرية ،وهي تحاول أن ترتكز على جماليات اللغة والصورة هذه الجمالية التي تعبت كثيرا في القبض على أنفاسها . لأدخل عـمـق التجـربـة من بوابة تداخلت فيها ألوان وأشكال الكتابة والقراءة بحميمية مفرطة . إننّي لا أبالغ إن قلت لقد مارست على ذاتي رقابة خاصة في كلّ ما يتصل بالجانب الـمـعـرفي والإبداعي بعيدا عن المغالاة . وفي النهاية أترك الفرصة للقارئ أن يصدر أحكامه قـبـل الناقد المتخصص .
واللّـــه الموفــق
الشاعر / حسين عبروس
=========================================================
تفــــــرّد
إلى نـــــدى الشعر
( 1 )
تفيض المراسي بأسطولها
والبراري بعطر الصباح
تفيضُ . . .
تفيض الكروم على عرشها
و النخيل على رملـها
والسواقي بعذب المياه
تفيضُ . . .
ووحدي هنا في المراسي
يفيض المدى من هوايْ
فيرجع بي طيفها
راقص الذكريات . . هناك
بأمس توالد . . فينا الحنين
على تَلّها الواثب الخطو
بالمزهراتِ . . هناك
على وقعها كان ميلادنا
في حكايا القصائد كُنّا
نغازل لون المساءِ
إذا ما تدلّتْ
قطوفُ السناءْ
( 2 )
لك الآن يا سيّدي في الورى شمسها
و في الزمان
مـدايْ . .
لك الآن يا سيّدي
ارتجاج القدود . . على مَيْسِهَا
والجفون على سيفها
والطيور على وَقْعِهَا
ولي في الرؤى
خلوتي الحالمة
( 3 )
تفرّدتُ في صحوتي مُتعبا
لا أميل على شرفةٍ في سراب الأماسي
تفرّدت كي لا تقضّ الدنى
مضجعي بالمآسي
وكي لا تميد . . هناك
خطايْ . .
فلا تسألوني إذن ما دُنايْ ؟
أنا لست فيكم بقايا نبيّ
ولكن تفرّدت بالحبّ
دون سِوَايْ
تعلّمت أنّ النبوّة سرُّ. .
وأنّ التفرّد صُنْعَ
يـدايْ =========================================================
عيــــون الأحبــة
إلى الأديب الطاهر يحياوي
( 1 )
إذا متُ يوما على أرضكمْ
في فراغ السرابِ
فلا تذكروني على دمعكمْ
في صلاة الجنائز
أو في صلاة الوطنْ
ولا تقرءوا خفيةً
( سورة الفاتحة )
فإنيّ أرى في الوجوه النفاقُ
أرى خلفكمْ
صورتي النائحهْ
فلا تذرفوا دمعكمْ
إنْ أنا قد ورثت الألـمْ
وذي ليلتي البارحهْ
إذا متّ يوما على أرضكمْ
هل تُراني أموت غداً
في عيون الأحبّةِ
أو في عيون الوطن
(2 )
إذا متّ يوما على أرضكمْ
بعيدا عن الناظرينَ
بعيدا عن الحاضرين
أهيلوا التراب . . على راحتي
كي أرى نجمة تنتهي
في أفقها
تعتلي صمتكمْ
كي تصليّ عليّْ
فإنّي تعوّدتُ موتي على صمتكمْ
تعوّدت أن أحتمي بالهوى
كلّما جاءني في رثائي
منادٍ ينادي عليّْ
أيا أيها الميّت الحيّ فينا
خطاك التي داعبتْ
أرضنا لم تزلْ هاهنا
تحتوينا حنينا
( 3 )
إذا متّ يوما على أرضكمْ
فألقوا بليْلي بعيدا
وصيغوا نهارا جديدا
يعرّي بأفراحكمْ موْتتي
ويُنسِي عزائي على قريتي الميتّهْ
إذا متّ يوما على أرضكمْ
تُرى هل أموت . . هنا
في عيون الأحبّةِ
أو في عيون الوطنْ . =========================================================
إبحــار في ثنايــا الســـؤال
( 1 )
رنّ هاتف و بكى
مُبحر في عيون الجمالْ
واستحال المدى ثورة
توقظ الروح في ثنايا السؤالْ
هو ذا الكون لي
يرسم صورة للجلالْ
كلّما أبحر الناس في ثنايا السؤالْ
( 2 )
لم أكن غافيا
لم أكن ناسيا
حينما داهمتني جيوش الهوى
خلف أطياف التلالْ
واعترى القلب هذا البكاء
حينما طوّقته الجراح
لحظة اعتراه الذهول
يحتمي بالظلالْ
كلّما أبحر الناس في ثنايا السؤالْ
( 3 )
هو ذا هاتفي
مستدير الخطى
والرؤى تصنع الموعدا
أن تعالْ
هو ذا هاتفي
لم يزل يعتمر شكلهُ
فوق كلّ احتمالْ
لم يزل يحضن في وهجهِ
دفء احتمال السؤالْ
من أين جئتني يا طيف
هذا الخيال ؟
كيف أبحرت
في سدوم الليالْ
ترسم بالهوى أسلاك الوصالْ
كلّما أبحر الناس في ثنايا السؤالْ . =========================================================
فـــي بــــــــــلادي
إلى كلّ نواب الشعب في الوطن العربي والجزائر
- 1 -
في بلادي كلّ شيء
تمـام التمـامْ . .
وكلّ شيء على ما يرامْ
فعلام يلومُ المواطن
جلّ العظامْ ؟
الماء موقوف على عدل السماء
لا على جور النظامْ
والخبز مدفون
بأرض الكرامْ
والأمن موفورٌ
ولو بعد عامْ
فعلام يغني الجميع
" يطير الحمام .. يحط الحمامْ
أعدي لي الحزن كي أستريحْ "
- 2 -
في بلادي كلّ شيء محكومٌ بوثاقْ
خاتم الملك
وتاج الملوك العظامْ
كلّ شيء من تدابير الرفاقْ
كلّ شيء يباع في حوانيت الزقاقْ
الجهل والجبن والغبن
خبزٌ لكلّ صغير هنا
أو كبير هناك لا يطيق الفطامْ
فلذا عاش شعبي وسيما
وعلى الدرب دام النظامُ
و دام النفاقْ
- 3 -
في بلادي الملايين
من عاشوا كراما
بلا قلب بألف ألف خير
ولو في المنامْ
فشبّ كلّ الصغار على ذات النطاقْ
فعلام تسَب الشعوب
إذن حُكّـَامها
باحتشـامْ ؟
وتراهن في كلّ انتخابٍ
يـجيء على ذات الوجوهِ
وذات النظامْ
-4 -
في بلادي حررّ الغازيّ
أهالينا الكرامْ
من كلّ خوفٍ
بعدما ملّوا طباع اللئامْ
حجرٌ يكفي لردّ الجبانِ
فمن أين يأتي الصغير
بكلّ الشهامات ( عفوا )
هذا الرفض الشهيّ الذي يستوي
قائما في عيون الصقورِ
و بوح الحمامْ . =========================================================
رسالــة إلى عاشقـــة إفريقيــــة
إلى كلّ إفريقي يعشق الحرية
- 1
إذا لمحتِ يا حبيبتي بسُمرتيِ
علامات الشقاءْ
وحزّ قلبك الحنين غامضا
فعطّري المكان بأسطورة
" زنجيّة " بموطني
وصعّدي النشيد عاليا
على مدارج البقاء لحظة
يؤوب موعدي الجميلُ بالغناءْ ..
إذا لمسْتِ يا حبيبتي عواطفي
هناك تحترقْ
وضمّ بالهوى بحاركِ الغرقْ
فدوّني حكايتي بقلبك الفتيّ
مرّة وعانقي مدائن الفلقْ
وطوّفيني مرّة بعالم الأحبابِ
كي تضمّنا مساحة النجوم
مرّة هناك في الأفقْ
-2 -
إذا قرأتِ حبيبتي
رسالتي الأخيرة
في دُكنة السواحل البعيدةِ
في أرضنا السمراءِ
فاشرقي كشمس على مراكبي العنيدة
ودثّري حبيبتي قوافلي الشــهيدة
ودوّني حكايتي التي رسمتها
هناك على مواجع القصيدة
هناك في سواد عينيك اللتينِ
تحضنان صورتي الفريـدة
-3 -
لا تقولـي : فرحتي التي أزفها
إلى عواصمي من مغربي الكبيرْ
صدفةً أزفّها مع الأثيرْ
فأنا كما عهدتِ انتمي لحبّك الذي يحفّني
على المدى . . .
يضمني هناك موطني الكبير =========================================================
فوبــــــيــــــا
إلى أبناء وطني على مسافة عشر سنوات يلوّنها الدم ويلفها الحزن !
( 1 )
عشرٌ مررّن على القلب المعذّبِ
مثل السحاب الممطرِ
وبعض اليمام يطيرْ
تَوَزّعنني مثلما شئن
واحتوينا قلبي بالأماني
والهوى المستباح في الهجيرْ
ورسمن هذا الوجد المثيرْ
عشرٌ على عشرٍ ونامتْ
أغاني الطفل في الجفن القريرْ
( 2 )
عشرٌ على جسر خوفي أعبر الليل
في صلواتي نحو مجدي البعيدْ
مثلما كنت كانت نخيل الأرض
ترسو في عراجينها كبرياءً
وتهتف يا رياح كُفّي عن هذا الزمهريرْ
عشر ومضينا إلى ركبهنْ
كم تركن لي بقايا لا يبوح القلب في هولها
والقوافل ما انكسرتْ
في العواصف إذْ تجيء متعبةً
في عرسها العربيّ في خضاب السنينْ
لمنْ تـراني أغنّي هذا المساء
يا قلبي الحزينْ ؟
هل أزفّ الرحيل للرحيلْ ؟
هل أسافر في همساتي مثقلا
بالجرح مشرعا بالحنينْ ؟
هل أكتب الموت في دفتري الآن
في وطني يا شرق حبّي
يا غروب شوقي الدفينْ ؟
في كلّ خطوي ألتقي حتفي الجميل يراقبني
كي أهتدي نحو الطريقْ
هو ظلّ من تُراه بلا ظلّ يفيقْ ؟
"ناشدتُ شعري أن يُعزيني فعذّبني "بالحريقْ
وافترقت على فواجعي وعلى حلم قريبٍ
إذا بي أراه وحده الظلّ الرفيقْ
( 3 )
عشر تداويتُ في حُزنهن ما شُفيتُ
وظلّ صوت أحبابي مخنق بالذي أدمى الفؤاد
وما بكيتُ يا وطن الموت والقيد والحلم البعيدْ
في كلّ عام أجيء إلى نفس المكان
أسأله الآن عن شموع كنت أوقدتُهَا
في حدود الليل كي أضيء في عينها
وتظلّ عتمة الأرض واحدة
وأظلّ الوحيد من يسافر في عين الشموعْ
فتحتويه على عجل تلك الفجاج بالدموعْ
ذي رايتي أرفع الآن نصف دمي
على مدارجها لعلّ قلبي يضمّ الكون
في يوم الطلوعْ
فيا رُبى وطني الكبير ما تزال فيكِ
فضاءاتٌ يُنادِمُها خوفٌ وجُوعْ
ويُضَاجِعها سلطانها في خُنوعْ
فعلامَ يكون اللّوم
إن طال الرجوعْ ؟
وعلامَ يعزف العربُ
تلك الطبوعْ ؟ =========================================================
كــــلّ عـــــام
مِنْ خريف السنين من براكين الغضـبْ
يمضي ربيع العمر في حفيف أسرار العنبْ
عام يجيء وآخر يمضي بأخبار السُحـبْ
وأنت يا وحيد أنسي تسكن الدهــر
في سرّ الكتبْ
تقرأ الشوق في عين المحبْ
تهوى أراجيح الطفولة
في جلّ اللعبْ
تركب الليل في ذُرى الخيل
نحو بلاد كنت تألفُها
شعبها من حكايا تواريخ العربْ
أطفالها من فضة
نساؤها من ذهبْ
كلّ ما فيها جميل
دم عربيّ على بابـها ممطرٌ
كي ترتوي تلك الفجاجُ
كلّ عام تفيض السحبْ
تلك أرضك فأكتب رسائلا
إلى سكانها وسِرْ يمينا شمالا
حافيا على جراحِك لا تخفْ نزيفا
يعصر القلب فالدّم أنت
وأنت الشُهبْ
صحراؤك الأولى على ساحل البحر
فاشربْ من فجيع النخبْ
وتعلّم كيف تسكن قصر الحلم
في جواز أسفاركَ
في تلك المواعيد التي أدمتها في الكُربْ
كلّ المسافات تقصر حتما هناك
كي تعيش كريما في الحِقَبْ
في عيون من تُحبْ
أيّها العربيّ هذي خطاك
من أجلّ العمر فينا و سنّ
قوانين الشهور المليئة بالفواجع ؟
والمغريات اللجبْ
من كيّفَ الليل كي يسهر الآن فينا التعبْ ؟
وفي عيون سادتي
يقيم فجر الطربْ
أَجَلْ بلادك التي مَازِلْتَ تَهْوَى
أطفالها من فضّةٍ
نساؤها من ذهبْ
حُكامها من خشبْ .
=========================================================
درس فـــي القلــــب
إلى كل معلم في عيده العالمي
( 1 )
دار في الصّف مؤتزا بالحنين الذي عذّبَ
القلب والعين في همسة الحالمينْ
وتمنىّ على الله أن يحتمي باليقينِ
وخطّ على القلب بوحا خفيفا
من الذكريات التي لا تجيء على عجلٍ
ومضى يشرح الدرس
في حرقة ، متعب بالحكايات
في زمن عاشق للوطنْ
قال : من يدرك السرّ
في مرض القلب من ؟
وعلى وجع في السؤال
علا صوت قائلةٍ
سيّدي ! مرض القلب من تخمة المال والجاه
في العالمينْ
هو ما لذّ من طيّبات الحياة
كذا قال : لي والدي
في ربيع الشبابْ .
( 2 )
رقص الكلّ من فرحٍ
وعلتْ موجةٌ من ضحكْ
قال : سيّدهم ضاحكا من ألمْ
عاش قلب البنيّةِ بالنِعمْ
وبكى خلف الصمت هناك
على حرقة وعلى ألم وندمْ
هي ذي فرحة لم تتمْ .
وهناك صدى موجعٌ يرجع
سيّدي مرض القلب من تعب الحب
في الأزمنهْ
فلماذا إذنْ تدمن الوجد
في حبّها والوطنْ . ؟
( 3 )
دار في الصّف ثانيّةً
واعتراه الذهول الذي لا يزول
وشدّ على القلب ضمّ الجراح
وخلف العيون البريئة
خطّ على دفتر مَزِقٍ
قمْ تراني وحيدا وتلك يدي
أُطبقتْ في الفراغ المثيرْ
ليتني الآن أعزف لحن الوداع الأخيرْ
ليتني الآن حرّ طليق
بلا وجع أو عذاب ضميرْ
( 4 )
أيّها المورد العذب خُذْ بيديْ
فأنا لم أزل أصنع الجيل
من ورق أبيضٍ
من هُدى سُبُلي
من ندى سفري
من دمايْ
فعلامَ يصدّ الزمان خطايَ
وتنكرني في العصور القلاعُ
ويَحفُل بالمجد جهل سِوَايْ
فأنا من قضى العمر خلف الستائر
أشرح همسي الجميل
إلى كلّ شمس تغيب
على أمل بالشروقْ
وأطارد في ظُلمتي شبحا
سدّ كلّ الدروبْ
وأسلم للهروبْ
وأميل على صبيتي
كي أتوّج أفراحهمْ
وأعلمهمْ كيف يمكننا
أن نكون عبير الجنان
وخير الشعوبْ
فعلامَ يفاجئني ألم القلب
في رحلتي ؟
وعلامَ يطوّقني موسمي بالحريقْ
وتدمي الحكايا الطريق
وأنا دائما المورد المشتهى والطيوبْ =========================================================
خلـــــــــــوة
- 1 -
خلوة أن نقيم المعابد
خلف أفراح الجسدْ
خلوة أن نفاجئ زيف السحر
في أعماق هذا المصابِ
خلوة أن يلوّن حبها في الفضاء
فندخل أرضها فاتحين
بلا عدّة أو عددْ
خلوة أن تنقر الطير
ما نزرع في الفصول
فينبت الحبّ والحبُ
خلف " حبل المسد "
خلوة أن نبيع المساء لصبح جميل
وأن نعبد الله في ذاتنا
حتى يفيا الجسدْ
وحتى يؤسس فصل التوازن
بعض توازنه ، ويحتمل الدفء
بعض عيون الرمدْ
وبعض الندى قد يرين على الأرض
فيغرقنا طوفانه للأبدْ
( 2 )
خلوة أن يعانقنا حزنها منذ القديمْ
ويستوي على عرشها
فندعوه بأحبّ الأسماء إلينا
ونحن عراة من الفرح الأبديّ
كما خلق الله هذا الوتدْ
ونحن حفاة كما خلق الله
هذا البلدْ
خلوة أن نسارع لاكتشاف جغرافيا الموت
في طرفة عين
ونستدلّ بأوّل الراحلين ، حين قال :
" لئن بسطت إليّ يدك . . . "
ما أنا والدماء هنا نلتقي
فأسس عرشه فوق الدماءْ
وتوارى يبحث عن فداءْ
والغراب الذي لم يكن محض سراب
آزره لحظة في الغيابْ
فتهدل ليل الندمْ
خلوة أن نعيد التفاصيل
كما وردت في الصباح
فيسحبنا " هابيل " إلى دمه
و " قابيل " إلى بحر الندمْ
خلوة أن نسجيّ كلّ التعاريف القديمة
في قواميسنا ، ونلغي كلّ ما كان
تحت الطلبْ
ونعمد في صبحنا ، يعلو جراحنا
هذا اللهبْ
ونأمل أن نستزيد من نخب
هذا المصبْ
( 3 )
خلوة أن تنجز البنت بعض أحلامها
في شارع مهمل باللعبْ
خلوة أن يسرق الطفل
منها الدمى
خلف رابية أو خلف داليّة من عنبْ
خلوة أن نبارك هذا التوافد
في البنت ، وهذا التراجع في الفتى
الذي يُبدى لنا عن كثبْ
خلوة أن نحدثهما في السرّ
عن سارق الخوخ واللوز والموز
والأقحوانِ
وعن ساحب الذيل في حضرة البرلمانْ
خلوة أن نسدّ كلّ المنافذ
حتى نغيب تماما
وحتى نقيم الفرق بين الذي أسس
مملكة من فراغْ
وأعلن للناس هذا البلاغْ
( 4 )
خلوة أن نسامر أهل الصمت في صمتهمْ
وأن ندعي سلطة من عدمْ
وأن نحاصر أجواء هذا القلمْ
ونهتف عاش من يكتب أسرارنا
وتفاح أعمارنا ، بتوقيعه من قَدَمْ
خلوة أن يسرنا هذا البيان
فنكتب قافيّة في زوايا الوطن
ونركض فوق الجماجم لحظة في العلنْ
خلوة أن ننتهي إلى خلوة
طافحة بالهّم والغمّ
وبعض أجزاء الشحبْ
خلوة أن نستفيق على بعض السواد
وبعض البياض
قيل أنها حالة تسبق صاحبها للكفنْ
خلوة أن نركض في العلنْ=========================================================
النخلــة أنــت والطلــع أنــا
( 1 )
قَبْلَ أن يكتب الله في عمرنا أجل الأشقياءِ
قبل بَدْءِ الخليقة في أرضها
كان نهر المحبة صافٍ تذوبُ
على شاطئيه الطيوبْ
وعلى الكون كانت تهب النسائمُ
في مسحةٍ سرمديّ رؤاها على الغيبِ
كان ينام هناك على موسم الشوقِ
فتى متعبا بالسفرْ
وعلى شفق الخلد ذاب حنينا إلى غيمةٍ
في بحار الرجاء على أمل منتظرْ
فرأى ظلّها يتدانى رأى شمسها
من شغاف الفؤاد تُطلّ هنا في الضلوعْ
فتهادى قليلا على دفئها في الطلوعْ
وتبسَّمَ ثغرٌ و ( حواء ) سِرّه
في الواحدة القاتلهْ
قبل أن يستوي وطن العاشقين
توقّد قلب هناك على سلم الخلدِ
يطوف به الشوق في حلمٍ
تائقٍ في الغيوب إلى جسدٍ غارقٍ
في الشروق يرفّ بأندائه المزهرةْ
ومداه الحُليّ هنا والحُللْ
ورحيق على وردها يكتملْ
( 2 )
قبل أن يكتب الله في عمرنا أجل الأنبياءْ
كان أدم يهوى الجمال ويطرب من خمرة في الجنانِ
لم يكن شاعرا مثخنًا بالجراحِ
وحواء من منبت الطيبّاتِ
ومن خفر الفاتنات هنا مرتع للحنانْ
كلّما همّ بالذي يسكن القلب صَدّهُ
غيب السجود عن الشعر والكلماتِ
قال: يوما إلام يظلّ الخلود يُعذِّبني
ويظلُّ البهاء على عرشها رائقا والمكانْ
وتظلُّ تراقصني ثورتي في القيودِ
وحواء من منبت الطيباتِ
ومن خفر الفاتناتِ هنا مرتع للحنانْ
وَهَوايَ الذي صار مِنْ وَجْدِهَا
لغة تَقْتَفِي خَطوها في الجنانْ
وعلى جفنها رسمت ، سطرها مبهم الكلماتِ
مدى واسعا وحدائق حُبْلَى بأسرارها الرغباتِ
تميل إذا ما الفؤاد تمايل في سفرٍ
مستفيض هنا بالخفقات على شجر ( الحنطة الطاهرهْ )
سفر يَعْتَرِي قلبها بالخلود إلى الرغبة الماكرهْ
( 3 )
ذي حروفك حواء من قامةٍ
في مؤنثها فتنة الفاتناتِ
سَلْسَبِيلُ العذوبة منفى الهمومِ
ومُنْسَربُ الهمساتِ
وأدم منها ندىً مثقلا في سنا النغماتِ
هي الآن واحدة تشتهي أن تراود رغبتـها
في المثولِ إليه على عجلٍ
مَخمليِّ السفوح هنا مرمريِّ القممْ
طاعِنٌ في الحرائق أو مشرئب هنا بالنغمْ
ما يمانع أن تحتفي بالزبرجدِ
أو رُبى السندس الأخضر المنبجسْ
ما يمانع أن يبدأ القطف في الفرح المؤتنسْ
كي تغير لون الزمان
وطعم الزمان الذي بَعْدُ لم يختلسْ
ربما قد يكون المكان بدايتها ألقٌ
حافلٌ بالشروق ومنطلقٌ في حضائرها
في غدائرها في تَرائِـبها
في زوايا الندى المحترسْ
وعلى سفر القلب آدم مرّ ولم يكترثْ
فرأى غابة من شرود الهوى
طافح الكيل في عراجينها يثمر الآن في غيمها
ورأى ثمرا آخر ينضج الآن على صبحها
وهناك رأى حلمه الدافئ
منطلقا في حدائقها في المدى المنبجسْ
( 4 )
قبل أن يَبْتَدِى سهر القلب
والعين في حكمةِ الشعراءِ
وفي فقرات البرامج عبر الفضاء
مِنَ القنوات التي تحتفي بالفرح المشتهيّ
وقبل أيّ غناءٍ يذاع على الموجة الناقلةْ
كان مزمار ( ابليس ) يصدر في الخلدِ
لحنا جميلا يذيب المدى والقلوبْ
وهناك علا الصوت وحوّاء صاغيّة
خلفها عاشق ذائب في سناه الغروبْ
وخلا بهما ( ماردٌ ) واعد بالخلود
ذي مدائنكم في الحنان وذي سُررٍ
كم يطيب بها العمر فاقتربا
لم تقل أبدا وعلى يدها ارتجافٌ
مِنَ الغيبِ ينتهي في القطافِ
على ثغرها المتلهف بالقبلاتِ
على أرق ساحر الواجباتِ دنتْ
فَدَنى خلفها تعبٌ غامضٌ في الشجونِ
تَعرىّ المكان على غضب فائرٍ
(اهبطا)وهناك سرى زمان عارمٌ
في غصون المدى بالشقاءْ
( 5 )
هو ذا زمن الهابطين إلى تعبٍ
مُوغل في التعبْ
هو ذا ورق التين يلثم مُكْتُزاً
ساحرا وعلى صمتها ينتحبْ
هو ذا عنب من رأى حلوها
في العنبْ
وخريف جدائلها صفرة شاحب لونها
وعذاب على (شاطئ المالح)(1)
سمك البحر منها هنا راحلٌ صوب
غربتها في اللّجبْ
جسدٌ مثقلٌ بالحرير المطيرْ
على مائها غربة من سواد العيون على جفنها
والمكان هواءٌ جريح على خَدّها
هل تطول بها غربة في الزمانْ
على شجر وارف بالحنانِ
مُعنّى على جيدها واللّسانْ
( 6 )
هو ذا آدم الحُرّ لابدّ أن يستجيب النداء
ولابدّ أن يصنع الآن في الأرض
فاتحة من ترابٍ ورغيف سحيقٍ
تطول تفاصله المتعبةْ
كي يتوب على بحرها وعلى ذكرها
وهناك رأى قمرا أسودا
ساجدا فسجدْ
حَجَرٌ من وجيع القلوب تجمَّع
فيه حنين الأبدْ
وسعى سبعةً،ورمى سبعةً
وخلدْ
باسط الكف ربِّ أنا واحدٌ في المكان
وحواء بعضي هنا و البلدْ
وهناك أجابه همسٌ خفيف النداء
على (جبل الشوق) كان العناق طويلا (2)
على فرحٍ منفردْ
فتورّد خدها بها وغفا سهرٌ
في العيون على همسها
واتقدْ
هو ذا آدم الحُرّ كان يعاوده الشوق
على (جبل الحزن) في قبضة من رَهُونِ المدى
وخلا زمنٌ واعدٌ في سكون إليها
وحواء من ألم الذكريات ربيعٌ
يؤجلها حُلمها في العيون
ويبعثـها في سكونْ
وهناك جثى ساجدا في خواء المكان طويلا
ولم يرفع الرأس نحو السماء
يفيض بها موسم مزهر بالجنانِ
نديّ على كفّها بالأمانْ
وهنا بين مدٍّ مريبٍ وجزرٍ
تواصل نهرٌ من الخوف يدنو قليلا
إلى قلبها هو لم يسكن الخوف قلبه
مهما دَنىَ
فغريبٌ نداؤه حين غدا مُدنًا
ونخيلا تعرش بينهما في الصحاري
هما وطنٌ مبعدٌ في جحيم النهار
هما شجر موغل الاحتراق
غريبٌ على الحُرّ أن ينتحي جهة الاحتراقْ
ويمارس كلّ الطقوس على أمل في العناقْ
( 7 )
قبل أن يكتب الله في أرضنا ترف الأولينْ
على بذخ الكبرياء
وقبل أيّ جفاءٍ على شاطئ القلبِ
في ندم كامن في الجهاتِ
توسّد آدم حلما جميلا بأبعادها في الفؤاد
وكبّر في صمتها للجمال يسامر شوقا منيعا
على قمم الأصفياءْ
يتندّى إلى ألق ساحر ، وهناك صبابة
وجدٍ مهربةٍ من زمان الشقاء
تهّل على وطن الطيبينْ
قوارير عطر بها خفرٌ ذائع في المكان
عراجينٌ من ندم تتدلى على غسق الجرح
ما بين أرض هنا وسماءْ
تلك أغنية في قديم المكان تراود فيه الزوايا
و تطربه الآن سهوا مُدمّى على عرشها
في الزمان وحواء من شبق مستفيضٍ
تصدّ لهيبا من الشوق بين التمنّع و الرغبةِ الجامحةْ
هي مِرْغاَبَةُ بالحنين مِصْهَالَةٌ بالشبقْ
لا تملّ السروج على خيلها
لا تملّ الركوب إلى ليلها
هي واحدة في مواقيتها ممطرٌ صحوها
ومُفدّى على كفّها صبحها في عيون الفتى
غير أنّ الفتى قارئٌ ماهرٌ
في سطور الجفون التي عذّبته مدىً
غربّته على أرضها في سهول الجبالْ
كلّما اقتفى خطوها صار في عينها مَلَكًا
وتصابى بها غزل في المواقع فاختصرتْ
غِلّتها في بديع كلّ الغلالْ
هي واحدة في السكون إليهِ
تقيم على شرف المسكباتِ غريب مفاتنها
في النسبْ
في مخاض عصيِّ الألمْ
هو ذا آدم الآن صار أبا منفرط الشوقِ
مُنْذ القِدمْ
هي بعض النداء من الحب في توأم الوفدينْ
( قابيل - إقليما ) ( هابيل - لُيُوثا )
وهناك غدا ممكنا أن تفاخر في العالمين النساء
وصار لها نسب من بنين هنا وبناتْ
أربعٌ يمرحون على شمسها
في ربيع الشبابْ
يسكبون الحنان على قلبها
يطردون العذابْ
( 8 )
كبر التوأمان على صبرها
وبدى من عيون الفتاة بريق الأنوثةِ
ذي ( إقليما ) شبهٌ بالمها
ترفل الآن في صُدَفٍ مشرقّيٍ صباها
غدائرها قطعٌ من ليالي السمرْ
ومباسمها من رقّة في السحرْ
سامق قدّها مكتسٍ من جلال النخيلِ
منشرح صدرها في دروب المساء
تفاخر أختا لها في التثني تزيد دلالاً
على غنجها جارفٌ مدها في عيون المحبةِ
( قابيل ) يدري الذي يستوي على أرضها
من فتون و ( هابيل ) غارقةٌ يده الآن
في شارة الضوء و شاردة في بستانها
متعبٌ بالحروف الجميلة مذ عرف الحبّ
في مفرق الشرق مذ صار برا بوالدةٍ
في تحايا النساء
هي حواء ثانية تتجدد فيه بلا موسمٍ
كلّما هب قلب هنا بالغناءْ
( 9 )
هي ذي قِصّة الحبِّ تبدأ عمداً
على أحرف الجر و العاطفهْ
( من إلى . . .)ثم تبدأ في مفرد السرّ
فاتحة العاصفةْ
هو ذا مبتدى الخبر الشيّق الآن
منتشرٌ في روابي القلوب
قواريرها بالطيوبْ
هي ذي ( مكة ) ( يَثْربُ ) شَامُهَا
و الجنوبْ
في حداء القوافل تصدع بالحبّ
يا كلّ عاشقة أدمنتْ
حُبّها في الغروبْ
حينما قَرّب .. بعض قربانهما
من صفاء المودّة في سفرٍ
من غيوبْ
قال : أنتِ أنا
وغَمَامُك ( مكّة ) زهو المدينة
فانطقي يا بَوَادي الهوى
كم يجيش مداه إلى قلبها
بعيدا على النظرة الشاردةْ
وبعيدا على الليل الذي يصطفيه الأحبّة
في غفلة النائمين وهمسة الحالمينْ
( ليوثا ) صخبٌ ماردٌ و شجاً لاهبٌ
و قطيعك ( هابيل ) تدنو إلى حقلها
من يداري الحنين على فجرها
هي ( حواء ) تدري الذي يتولد في غفلةٍ
عن أبٍ مبعدٍ في صلاةٍ من الخوفِ
و النافلةْ
تائبٍ عن طريق إلى الهند منتحٍ
جهة في صفاء المدى يقتفي
أثرا في فراديس كان لها عاشقا
في قديم الزمان يواري هواه على سفرٍ
من خطى القافلهْ
هو ذا آدم الحُرّ مبتهلٌ بالدعاء و منشرحٌ
في سنا الحكمة الفاضلهْ
هو لم يلعن الأرض في الاغتراب ولم يلعن الفاصلهْ
فعَلاَم تفيء بنيه الحكاية و الفتنّة القاتلهْ
هوامش ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - شاطئ المالح : المكان الذي نزلت فيه حواء
2 - إشارة إلى جبل عرفات =========================================================
حديـــث العيـــون
حُـسْنٌ تـَجلّـلَ فـي عـيـنـيكِ مُـبـتـهِجا
تـرِفّ أَنْـدؤه الـحرّى هـنا وَهَـجَا
مُـكـابـرٌ بـالـهوى مُـسـتـرسـلٌ عَـبِـقٌ
مِـنْ مـوردٍ رائـقٍ مـعناه قـد نُسِجَا
فـي هـمـسـة تـحـتـوى ما ضمّها من شـذا
والـقـلـب من وجد قد بات مُختلجَا
والـطّـرف لـولا سـنـاهُ مـا تـورّد خــدٌّ
بـالنـدى أبـداً لـولاهُ مـا دُعـِجَا
هـذا الـهـوى إن تـراهُ فـي الـحنايـا مدىً
تـرى الـعـيـون هـنا إبحارها لُجَجَا
كـم بـات شـاكٍ هـواه عـاشـق دَنــِفٌ
وسـرّه الآن مـا بـيـن الضلوع رَجَا
والـقَـدُّ غُـصـنٌ يـفـيـض بالطيوب سنـًا
كـم مـاس من فرحة كم بات مُبتهِجَا
لـولا الـمـلاحـة مـا غـنّـى الـهوى أبداً
ومـا تَـرَنـّمَ طـائـر هنـا وسَجَـا
هـذي الـتـفـاصـيل يـا صُـبح الهوى لُغَةً
كم للعيون حـديـثٌ غـامض وشَجَـا
والـقلب يـدري خفاياه الـتي نُـسِجَتْ
مِـنْ نـسمـةٍ حاكها وجدٌ هنا سُرٌجَـا
إن يَـحـتَفي قـلبها صبـرا عـلى أمـلٍ
و أنـت يـا سـرّها المذبُوح بعضُ الرجَـا
والـليل إن طـاف في سـحـر المدى ثَمِلاً
أو نـام في الضَـفَّـةِ الأخرى هنا غَنِجَـا
لاَبـدّ أنْ يَسْتَـرقَّ مـوسمـا قادمـاً
من جَـفْنِها كي يُضِيء العمرَ خلف الدُجى =========================================================
مُـــدُن الشجــــا
قسمـا بالذي أمطر السُحبـا و احتفى بالجمـال الذي سُكبـا
قسمـا بـالعيون التي أرقتْ زمنـا في رُباهـا المـدى رحُبـا
أننّي في هـواكِ على العهـد يا دار مازال في القلب زهو الصبا
وعلى الدهر ألقاكِ في كُتُبِـي و على الـدرب مازلتُ مغتربـا
قسمـا يـا طيورا بقـافيّتي سـأغنّي هـواك الـذي سُلِبَـا
وأفيض على موعدٍ من شـذا وأظـلّ حنينـا هنـا يُـجْتبـى
وسِـواكِ أيـا دار لا أبتغـي بدلا في الهـوى والنـوى قُربـا
قسمـا سأغني جراحي دمـا منشـدا زمـني بالـذي كُتبـا
ذي تواريخ يـا دهر سجِّـل أنـا من ربيعٍ مضى لم أر العربـا
و سوى شبـح قد أراه هنـا مـا الذي ينفع العـار منتسبـا ؟
و على الصمت ينمو الشجـا مُدُنا و الوجيـع هناك دم غُصبـا
وهنـاك رضيـع على لهـب ينتحي في الجهـات هنـا كُربـا
هدفا كان نسل الهدى والندى هل ترانـا نبيـح المـدى نُصُبـا ؟
و نغـنّي " لـراجمة " زمنـا و نُـمَنِّي النفـوس هنـا خُطبـا
لست يا دار في المنحنى رُهنـا إنّما الجيـل قـد بـات مُحْتَقَبَـا
=========================================================
ترجيعـــة اليعربــي
خمسون عاما نُمنّي الجيل من كذبٍ ووعد "بلفور"مقدورٌ على الـزمنِ
نُوَلِّه النفس عذرا من صدى حُلُمٍ وننشد النصر من ضلالةِ المِـحَنِ
نحكي البطولات من أوهامنا شَرَفا فيذرف الدمعَ مصلوبٌ على الوطنِ
نعيد جرحا نديَّ البوح في سُبًلٍ وكان قبل جريحـا مُـوثَقَ الـكَفَنِ
و العُرب من طينةٍ شُكِلَتْ صنمًا تُزَين أحداقها ترجيعـة الـوَسَنِ
تغفو بأصباغها ألوانهـا عـددٌ ما أسعد العُرْبَ قد ناموا على الشجنِ
والغاضبون نيوبٌ في الدنى غُرستْ وذي بقايا جراحي من دمي الوَهنِ
من ذا يُصّدقُ في التاريخ كذبتهم ترسو على قمّةِ المفجوع في العَلَنِ ؟
من يُعيد المدى في صولةٍ لغدا وينكئ الجُرح مجبولا على الـطُعَنِ ؟
من ذا يزيحُ قيودا عن مرابعنا في وثبةٍ تنجلي فيها حُمى الـدُجنِ ؟
من ذا وتخنقني قـافيّتي غضبا مبحوحةِ الأنْفُس الحرّى من الدّخَنِ ؟
وليلنـا في شتاتٍ لم يزل قَدَرًا يُذكي خُطاه سعـير الحقد والفتنِ ؟
"شارون"يدري قلاع الموتِ كم نُصِبَتْ في زحمةِ الليل في أقصوصةِ المـدنِ
"وبوش" يعلم كم أطيارنا خُنقتْ فاحتدّ صبح الهدى مسكا على فَننِ
يا ليل طال التجافي فيك من زمنٍ أشكو صلاتي إلى " الأقصى"بلا مِننِ
قل لي بربّك من تكون فاتنتي ؟ إن بِتُّ أحني قوافي الشعر في الجُفُنِ
وأُدْمِنُ الحزن في أنشودتي لهـبا قد فـاح منها غناء الجرح في الوطنِ
وأطلب الوَصْلَ من بُعْدٍ بلا وُصُلٍ والعار شيمة هذا العصر في الجُـبُنِ
خمسون عاماً وهذي الدربُ موحشةٌ تقيئ أسْرارها من لعنةِ النَـتِنِ
يا أيّها المحتفي بالموتِ من فرحٍ دنياك يحرقـها وجد مدى الـزمنِ
فجّرْ خُطاكَ على أسفارنا حِمَمًا تفيء بالنصر من روح ومن بـدنِ
هذي شهادة جيلٍ يَرقبهـا في المكرومات شهيدٌ خلف مُـرتهنِ
لا ترتقبْ في ربيـع العمر قافلةً يأتي الصباح بها من لـوثةِ العَفِن
إنـي رأيت سلاما نازفا تَعِبَا و الأرض ترنو "صلاح الدين" في القُرنِ
والسلم إنْ لم يكن من بوحنا لهبا فالقي اليراع نشيدا في حِمَى الدُنَنِ
وقل على أسفٍ يا جيلنا وكفى إنّا رضينا بأقدارٍ عـلى الهَـوَنِ
لا حكمة في حياةٍ نصفها ضِعةٌ ونصفها مَوتةٌ مجهـولةُ السُكَنِ
فاشرعْ سيوفك في الدنيا على أملٍ واشْددْ رباط خيولٍ من هوى الرُصنِ
واسكبْ دماك على الآفاقِ عاطرةً ترى رُباك تفيضُ الصبح بالحُسنِ =
========================================================
وشــم علــى قافيـــة الوطـــن
غنيّت في فجركِ الميمُونِ مُنـعتِقَا وهُمتُ أشدو هواكِ في المدى عبقَا
أسائل الأمس عن قوافلٍ رحلتْ وأقتفي مدّ أطيارها هنـا صَفِقَـا
وأُرْجِـئُ البوح في قافيتي زمناَ فتشرقُ الأرض بالحبِّ الذي شَهِقَـا
جزائر الحبِّ لا تستوضحي السببا إنْ عِشْـتُ دهرا أبتـغي الأفُقَـا
كم طُفتُ في العمر بي شوقٌ إلى دُرُبٍ قدرفَّ قلبي إليها بالذي عشقَا
إنْ يحتمي الكون في سَرْبِ القطا حُلُماً هل يحتوي الكونُ سِرْبَهُ الذي طُلِقَا
جزائر المجد غنّي لي هوى وطني إنّ الهوى هاهنا في القلب ما سُحِقَا
من قبل أن يَبْتَدِي التاريخ أغنيتي نورا على نوره المـنهلِّ قد خُلِقَـا
ذا "عقبةُ " المجد يحكي للورى قصة و"طارق" الفذُّ حبّا في الورى سبقَا
وذا "الأمير" عَلاَ نجمًا و أغنيّةً فوق الشموس يُبيدُ نـوره الغسقَـا
وذي العيونُ التي من بوحها سفري ترنُو إلى الفجر حُبّها غدا دَفِقَا
من أين أَأْتيكِ ذا شوقٌ يعذّبني إن بُحتُ شعري وذا التاريخ قد نطقَا
تلك الليالي تستنطق الصُوّرا في ذكرها جُملاً قد لامستْ صِدَقَـا
جزائر المجد غنّي لي هوى وطني إنْ رحتُ استكبر الجرح الذي خفقَا
لا تسألي عن وعود المعتدي أبدا لا تعبئي واسألي شعبا هنـا مَزِقَـا
"بيجو" يُبيح الدُنى في ليلنا حقدا و"شالُ" ضامٍ إلى الدمـاء كم لَعِقَا
والليل يحكي هنا أحزانه حِقَبا وذا صباحي عُلا يستهـزأ الغسقَـا
ضُمِّي إلى جرحكِ الجرحَ هنا مِحَنٌ ففجرنا حافل الأنواء مـا أَرِقَـا
مُدّي يدا للذي يلقاكِ منشرحا يرعى الحمى جلدا يستقبـل الشُرُقَـا
مدّي يدا بالندى مبسوطة أبـدا غنّي المدى فرحا أبنـاءكِ العُرُقَـا
جزائر المجد لا تسترسلي العتبا إنْ أكتم الشوق في الأحشاء ما ورقَا ففيك بُحّتْ قوافي الشعر إن نطقتْ وذا الهديل هنا قد عطرّ الأفقا
=========================================================
أنــــا المعنـــــى
إلى الشاعر اليمني / مهدي علوان الجلاني
لأنّ في ساحلي مرسـاكِ منطلـقُ تجري السنين وقلبي بَعْـدُ مُؤْتَلِقُ
يَرْنُو إلى موجةِ تدنو لعاشقها جَذْلى على أمـلٍ بَـوحٌ هنـا دَفِقُ
تُوَرِّدين جميل الشوق في شفتي وتسكبين نديّا بالهـوى عَـبِقُ
وتفتحين لقلبي " ألف نافذة " وفي "الجدار" هنا يخْضَوْضَرُ الأرقُ (1)
إذا تغنيتُ في الأيام مُحتملا جرحي وحلّ الشجا تصدني الطرقُ
يا غنوة المشتهى منيرة يَدهـا وقلبهـا في سنـا الأشـواق يُحترقُ
كوني كما تشتهي الأطيار مَوْسِمَها تغريدة أو مدى هناك يَنْـعَتِقُ
أقسمتُ أنّي على الأيام مُحتفلٌ باللّيْلَكِ المُشْتَهَى وبالهـوى نَطِقُ
أنا المعنّى بترتيب الفضا فَلِمَنْ غابتْ وشُبّاكها في القلب يَصْطَفِقُ
غنّيتَ في البُعْدِ كلّ موسم خَضِلٍ لَمِنْ مَقَامُ الغريب أيّها الـوَرِقُ
كِلاَ هُمَا في" مَقَام البُعْدِ" أغنية قلبي وقلبكَ في الهوى هنا طَفِقُ (2)
فاكتبْ لذاتِ البحار تَطْرِيَةً يا"حَضْرَ موت الهوى"بلقيس هنا تَخْتَنِقُ (3)
والوجد صافٍ على مدّ القوافي هنا مَرْحَى! بوجد يَرِفُّ أرضَ من عَشِقُوا
هوامش : 1 - ألف نافذة وجدار مجموعة شعرية / للشاعر الجزائري / حسين عبروس ط 1 / 1992
2 - غناء في مقام البعد مجموعة شعرية /للشاعر اليمني / مهدي علوان الجلاني /ط 1/2000
3 - مدينة أثرية قديمة باليمن .=========================================================
ضيعـــــة الحلــــم
يا ضيعة الحلم في أقصى مواجعنا بعض الهوى من وجيع القلب ينفردُ
ما كنت في فتنة الذكرى مُفارقها فكيف تُخفى بقلبي نسمة تَفِـدُ ؟
تلك الأماني هنا طيف يعـاودني شـوق على أفقها قلب هنا ويـدُ
و بـوح نجوى بلا حدّ يسافر بي أنّى رحلتُ بأشواقي يرفّ غدُ
ما بين قلبي وغيم الكون يسكنني حلمٌ و تسهاد مـدٍّ غـامضٍ مَرِدُ
أشكو إلى الله طيفا بات يقلـقني و بتّ في حـيرتي أدنـو فيبتعدُ
أهـدهد الليل علّ الليل يحملـني في مقلة كان من أنفاسهـا الأمدُ
أقلّب العمر مذ كان الهوى نسبـا أشقى بها و لها مـا ضمني وَجَدُ
ذا مهد حلم الصبا مستشرف أبدا إن أسأل العمر عن مرسى بها بلدُ
إن قلت يا قلب اكففْ عن مواجعها جاء الجواب بلا منّ هنا الكمدُ
تلك الديار أراهـا موردا ونـدى في أمسها غـرّدتْ لله تستنـدُ
تعلو على النائبات شـامخ وعدها إنّي بها ولهـا صبّ بمـا وُعِدوا
يا ضيعة الحلم ذا حلـمي وذا ألمي كيف البِعَاد وحرّ الشوق يُعتمدُ ؟
كلّ البحار يميـل موجهـا طربـا وموجتي مدّها مسترسل حَشِـدُ
ما بين أسري وحلمي اشتكي ألـمي والدار نـازفة وحرّهـا صهدُ
تـلك الليـالي تعيـدني إلى زمـنٍ قد كان من سفر ذا فجره الخلِدُ
والقلب وحده يدري ما يفي وطـني من ذكريات الهوى وبوحها مددُ
والبعد يأسرني والوجد يفضحني شوقا إليها وما في حضنها بلـدُ
=========================================================
عبيــــر المسافــــات
لم أكن غافيًـا لم أكن قاسيًـا ذات يوم على وردها في الصباحْ
غـير أنّ الهـوى قـادني نحوها فاحتملتُ الهوى والنوى والرماحْ
وعبرت المـدى مُسْعَفًا بـالشذَا قُربَهـا فـاحتملتُ بقايا المزاحْ
وقـرأت المـواعـيد في عينها عَبْرَ خطّ الأثير النديّ الوشـاحْ
مـرّة جئـتُهـا عـابرا في سناَ بَوْحِهَا فأبحْـتُ الذي لا يُبـاحْ
مرّة صـدّني بـابهـا بالطيوبِ تمـالكت نفسـي دَمَيَّ الجـراحْ
صوتها من هديـل على موسمي وأنا في هواها وَطِنْـتُ البطـاحْ
هل تـراني أغنّي لغيـم المـدى أمْ تُراني الوحيد هنـا المستبـاحْ
وأقاصي الجهـاتِ دمي تَعْتَـلِي فرحًا ممطرًا في العـيونِ المـلاحْ
وقطوفي تـدانتْ على أرضـها فاقتسمنا معًا نسمـة الارتيـاحْ
و على وَ جَعِ الأُغْنياتِ صـحى موسمٌ رائعٌ من حَنيِّ الصُـدَاحْ
وتَمَاثَـلَ في الاشتيـاق عبـيرُ المسافـاتِ مُنْسكب الانشـراحْ
وعلى قربها في المكـان هـرو بٌ يميـلُ على سُبـلِ الإنْديـاحْ
هي صـوتُ المحبّةِ إذْ تَنْتَـحي جِهَتي في زمان الجهاتِ الصِحاحْ
هي صوتي الذي شغل المنتدى و طو